السبت، ديسمبر 06، 2008

د.عبدالوهاب الأفندي..وأنكشاف المشروع الأسلامي (4)

كان المحامي المذكور -واسمه عبدالباقي عبدالحفيظ- قد وصل إلى لندن قادماً من مصر في نهاية عام 1991 ودخل إلى المستشفى لعلاج إصابة في رجله قال إنه أصيب بها حين تعرض للتعذيب أثناء اعتقاله من قبل الأجهزة الأمنية، مما اضطر الأطباء إلى بتر رجله.
وكان قد صرح في مقابلة مع مجلة «المجلة» أثناء وجوده في المستشفى بأنه تعرض كذلك لاعتداءات جنسية أثناء اعتقاله. ولأن هذه تهم غير اعتيادية حتى بمستوى ما كنا قد بدأنا نسمعه، فقد قمنا بارسال نص المقابلة إلى السلطات المختصة مع رسالة مستعجلة تطلب الرد على هذه التهم.
ولم نكن قد تلقينا الرد الرسمي في وقت زيارة الترابي إلى لندن، أي بعد أكثر من خمسة أشهر على إرسال الاستفسار. ويمكن أن أضيف أنني لم أتلقَ رداً رسمياً على هذه التهم حتى لحظة كتابة هذه السطور، وإنما تلقينا ردوداً غير رسمية من محامين موالين للحكومة يقدحون في صدقية الشاكي زاعمين أن إصابته لا علاقة لها باعتقاله.مهما يكن فإن الإخراج المسرحي المحكم لإطلاق هذه التهمة كان له أثره الفاعل، حيث صدرت مقابلتا الغارديان والفايننشال تايمز بالتزامن في اليوم التالي للمحاضرة وتصدرت كل منهما التهمة، فأصبح كل ما بعدها من أقوال بمثابة هامش عليها.
ولسنا هنا بصدد التحقيق في صحة الاتهامات للحكومة السودانية من عدمها، فهذا موضوع منفصل سنعود إليه إن شاء الله، ولكن القضية المحورية هي علاقة الحركة الإسلامية والمفكر الإسلامي بدولة تمارس قمع الخصوم وممارسة العنف ضدهم، وهو أمر تورطت فيه الحكومة السودانية بلا جدال.
ولهذه المسألة وجهان: الأول يتعلق بطبيعة المشروع الإسلامي المعاصر باعتباره مشروعاً دعوياً يهدف إلى تقديم الوجه المشرق للدين الإسلامي وتعاليمه، وهذا يلقي بمسؤولية كبرى على من يدعون الحديث باسم الإسلام، حيث أن أقوالهم وتصرفاتهم لا بد أن ترقى إلى مستوى هذه المسؤولية. وفي هذا الصدد تحضرني قصة قريب لي اعتقلته الأجهزة الأمنية، وأثناء استجوابه قام هو بالاعتداء على المحقق بالضرب لأنه وجه له أسئلة استفزازية كما قال.
وبالطبع استدعى المحقق رفاقه الذين انهالوا على المعتقل ضرباً ثم قيدوه لمدة ثلاثة أيام في وضع غير مريح.
وحين أخبرني الشاب بهذه الواقعة بعد إطلاق سراحه قلت له مازحاً (وكان من المنتمين لحزب البعث العراقي): ماذا كان سيحدث عندكم في العراق لو اعتدى معتقل على رجل أمن بالضرب؟ فأجاب: محقاً: ولكنكم تدعون الانتماء إلى الإسلام.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق