السبت، ديسمبر 06، 2008

الجماهير النوبية تتصدي للوالي في إردوان (3)

كانت المسرحية التي اختير الوالي لبطولتها قد أعدت بحيث يقوم عبد الحفيظ يسين وعبد الخالق نوري وسيد محمد طاهر وسيد جعفر ونصر فضل الله وآخرون بحشد حوالي مائة شخص من المقيمين في الخرطوم وترحيلهم على متن حافلتين إلى منطقة أردوان ليلعبوا دور الكومبارس مع من يستطيعون استمالتهم من أهلهم المقيمين في المنطقة ويقوم آخرون من أذيال المؤتمر الوطني في المنطقة من بينهم عبد الجليل نصر ( أردوان) وتاج السر محمد عثمان مظلوم ( مسيدة) وأنور حامد عثمان ( مسيدة) ومحمد حسن عبد الله ( مسيدة) عبد الصادق ( حبراب) وبرعي ( همبكول) بحشد السذج من المواطنين وتلاميذ المدارس.
و قد تم إعداد لافتات تحمل الترحيب بقدوم الوالي وتأييد السد ورفض التهجير وقبول إعادة التوطين ( غلوطية) باسم كل القرى وفي اللقاء الذي سيحتشد فيه عدد كبير من المؤيدين والمدفوعين حسب توقعهم يتم رفع تلك اللافتات وترتفع هتافات المؤيدين ويتم تصوير المنظر بكاميرات الفيديو وإخراجه بصورة تعكس للمشاهد صورة غير حقيقية عن تأييد معظم المواطنين للسد.
المناسبة التي اختيرت كغطاء للمسرحية هي وضع حجر الاساس لمستشفى ريفي في أردوان ( من جهة داير تغرق ومن جهة داير تبني مستشفى؟ .. مهازل). في اليوم المحدد للمسرحية توافد أعضاء ما يسمى بمجلس شورى المؤتمر الوطني الذي لا يشير ولا يستشار وتوافد كل العملاء المأجورين من كل القرى بل ومن خارج المنطقة لحضور المسرحية التي أعدوها. وتغيب تلاميذ المدارس بعد أن رفض المواطنون في كل القرى من الزج بالأطفال في ألاعيب الكبار إلا مدرستي مسيدة وهمبكول حيث تمكن مدير الأولي أنور حامد ونائبة تاج السر مظلوم من إقتياد بعض التلاميذ كما تمكن المدعو برعي مدير مدرسة همبكول من اصطحاب بعض التلاميذ إلى موقع الأحتفال.
كذلك كانت حصيلة الحملة التي قام بها العملاء في الخرطوم هي 15 شخص من جملة مائة شخص تم تسجيلهم بعد أن رفض الآخرون الحضور وتراجعوا عن موافقتهم الاولية أعطيت التعليمات للشرطة بعدم السماح لأي عربة بعبور الجسر إلي أردوان إلا العربات الخاصة بعناصر المؤتمر الوطني والخونة المأجورين وتقاطر المواطنون نحو الجسر وجهتهم أردوان ففوجئوا بقفل الجسر أمامهم ولكن ما لم يحسب له الوالي ومستشاروه هو مواطني القري غرب النيل وداخل جزيرة أردوان حيث تدافع أمواج من البشر الغاضبين على الوالي وعملائه واصطفوا باكراً في مكان اللقاء جاءوا من قري كجبار ودفوي وشوفين وكسكوجه وجوقل وغرب سمد وكباجه وتاجاب وأشو وهنك وملجاب وشرق فاد فقد كانت الجماهير عازمة على أن تنقل للوالي رأيها وتخرس أصوات القلة من العملاء والمأجورين.
بدا منظر العملاء والمأجورين الذين جاؤوا للتعبير عن تأييدهم للسد بائساً يدعو للشفقة فقد ابتلعتهم هتافات جماهير المناهضة الهادرة فانزووا في ركن قصي يحاولون الهتاف فيخرج خافتاً كفحيح الأفاعي وتضيع وسط جلجلة الأصوات القوية النابعة من القلوب قبل الحناجر ( لا للسد ... . مأساة عبود لن تعود) وعجزت الأيادي المرتجفة من هول الصدمة ورهبة الموقف من أن ترفع لافتة واحدة تنادي بقيام السد من تلك اللافتات التي أعدت باسم الشياخات لتزوير إرادة أهلها.
لم يحتمل الوالي المتغطرس ما لقيه بعكس ما كان يتوقع حسبما زين له مستشاروه فاستشاط غضباً ورد على الجماهير بقوله: عادت ما عادت أنا حأبني السد !! فأصبحت المسأله في نظره تحدياً ومرتبطاُ بكرامته الشخصية حسب مفهومه للكرامة فجاء رده متحدياً لارادة الجماهير التي واصلت هتافاتها المعارضة للسد وللوالي بينما واصل الوالي في ألقاء كلمته التي ذهبت أدراج الرياح وهي كلمة لم تخرج من دائرة تحدي إرادة الجماهير وفرض مشاريع حزبه عنوة.
بعد اللقاء ذهب إلى منزل أحد العملاء ( عبد الجليل نصر) لتناول الأفطار ولكن الجماهير لم تتركه وشأنه بل تعقبته حتي مكان الضيافة لتسمعه مزيداُ من الهتافات والشعارات المنددة به وبمشروعه فأمر الشرطة باطلاق الغاز المسيل للدموع لتفريقهم مما تسبب في إختناق عدد من المسنين والأطفال من سكان القرية التي أقيم فيها الأحتفال.
بعد فشل المسرحية وتجمع العملاء والمأجورين في منزل عبد الجليل نصر أقبل بعضهم على بعض يتلاومون فقد زجرهم الوالي زجراُ عنيفاُ على الموقف الحرج الذي وضعوه فيه بسبب تضليلهم له وإدعائهم القدرة على حشد مناصرين للسد.
هذا ما حدث بينهم من صراحة وإعتراف بالفشل ولكن الوالي خرج علينا في اليوم التالي للاحتفال بتصريحات صحفية ليقول بأن الزيارة كانت ناجحة وأنه تلمس تأييد المواطنين لقيام السد إلا القلة التي أرادت التشويش على اللقاء وهي قلة معروفة لدينا. وأضاف الوالي بأن باب الحوار قد تم قفله بشأن قيام السد باعتباره قرارا اتحادياً.
ثم مضى يقول أن لجان شعبية للتعويض سيتم تكوينها لتعويض المتضررين وحسن أن يعترف أن في الأمر ضرر ومتضررون وهو يتناقض مع ما درجوا على ترديده بأن السد خير وأن السد بركة, فلا يجتمع الخير والضرر. لقد أصبح الوالي في وضع لا يحسد عليه فقد جاء إلى الولاية محمولاً على أكتاف أسامة عبد الله إمبراطور السدود ومحملاً بمهام يعجز عن القيام بها لاسباب شخصية وأخرى موضوعية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق