السبت، ديسمبر 06، 2008

د.عبدالوهاب الأفندي..وأنكشاف المشروع الأسلامي (2)

وهذا يقود إلى نقطة أخرى، وهي أن البعض انتقد الكتاب باعتباره سيرة أو ترجمة للشيخ، ودعاية شخصية له وللحركة الإسلامية السودانية. وهذا الانتقاد جاء في أكثره ممن لم يقرأوا الكتاب، لأن الكتاب المقتبس من رسالة دكتوراه مقدمة إلى جامعة غربية ما كان يسعه أن يكون كتاباً للدعاية أو تمجيد الأشخاص، خاصة وأن المشرف على البحث، بروفيسور بيتر وودوارد، كان له رأي معروف في الحركة الإسلامية.
وكنا نقضي ساعات في جدال حاد كاد يطال كل فقرة حتى نتفق على أن الحجج والشواهد تدعم الأقوال. وقد شمل هذا حتى التوقعات، حيث أذكر أنني كتبت مرة في معرض الحديث عن الصراع بين الحركة السودانية وحركة الإخوان الأم في مصر أقول: «إن الخلاف في جوهره خلاف حول قيادة الحركة الإسلامية العالمية، وإذا ما وصلت الحركة الإسلامية إلى السلطة في السودان -كما هو متوقع- فإن الصراع سيحسم لصالحها.» فكتب بيتر على الهامش «متوقع من قبل من؟» فكان لا بد من تعديل العبارة.
هذا لم يمنع من أن الحركة تسلمت الحكم قبل أن أسلم الرسالة.مهما يكن فإن الدراسة عرضت صورة للشيخ الترابي أصبحت إلى حد كبير هي الصورة المعتمدة له عالمياً، وهي صورة مفكر إسلامي يتميز فكره بالبراغماتية والسعي إلى المصالحة مع الحداثة، خاصة من منطلق دعم الديمقراطية وحقوق المرأة والاجتهاد المستنير. ولهذا كانت الجمعية الملكية للفنون - وكثيرون غيرها في الغرب- تواقين لسماع آراء الشيخ في مختلف القضايا.في شهر سبتمبر، اتصلت الجمعية مرة أخرى لتقول إنها لم تتلقَ رداً على رسالتها للشيخ، فطلبت منهم تزويدي بصورة من الدعوة أرسلتها بالفاكس للشيخ الذي كان وقتها في الأردن، وحصلت على موافقته هاتفياً على الدعوة. عندها اتصل المنظمون لتحديد موعد للمحاضرة، واقترحوا موعدين في منتصف أبريل والثاني في آخره.
وقد أرسلت الاقتراحين إلى الشيخ الذي كان وصل إلى الباكستان مع توصية بقبول الموعد الثاني لأن الأول كان أقرب مما ينبغي لعيد الفطر. وحينما اتصلت للتأكيد، علمت أن الشيخ ومن معه كانوا مستغرقين في الضحك منذ تلقي الرسالة عجباً من «طول الأمل» عند هؤلاء الخواجات وتنطعهم في تحديد مواعيدهم قبل دهور من اقترابها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق